9 مصاحف

9 و 12 مصحف

 

Translate

الخميس، 13 أبريل 2023

جزر الشيطان

جزر الشيطان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ,,

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,, لان الصراع مع الشيطان دائم لا ينقطع لا سيما إذا أخذ الانسان أهبة السفر وبدأ فى رحلته إلى الله , فتأملت فى نفسى طويلا وحالى مع ذلك العدو الخبيث لسنوات فوجدت انه يصارع على ثلاث جبهات على التوازى وهى :

الشهوات و الشبهات و التسخط ,

ورأيته فى صراعه يتبع اسلوب شبيه باسلوب الاحتلال العكسرى للجيوش المتحاربة , ولكن الصراع هنا يدور داخل القلب وليس على وجه الأرض .. فمن اساليبه المتكررة هو استدراج بالشهوات ليظفر بمساحة فى القلب ومن ثم ينفث فيها سموم الشبهات ونيران التسخط والاحقاد والتى بدورها تساعده ليتقوى على جولة اخرى ليفوز بمساحة جديدة ينفث فيها سمه من جديد , وهكذا , الى ان يستولى على كامل مساحة القلب وعندها هيهات ان ينتفع صاحب هذا القلب بنصيحة او ينزجر بموعظة .

ولتوضيح الامر فهو يستدرج الانسان من باب الشهوات (لسهولة ولوجه من خلاله) ثم ما يلبث ان ينفذ حتى يبث الشبهات - التى ربما قد مرت على الانسان سابقا ولم يلتفت لها ولم يتاثر بها - ولكن هذه المرة ولأنه اعطى عدوه الفرصة فقد تسلط عليه فاصبح للشبهة اثر كبير وغصاصة فى القلب ولو لم يتدارك الانسان نفسه ستؤدى هذه الشبهة لظلمة فى قلبه يتقوى بها الشيطان على معركة اخرى يسيطر بها على مساحة اخرى ولا سيما إن استطاع ان يوقع الانسان فى ذنب اخر قبل ان يتوب من الذنب السابق , وهكذا الى ان يستحوذ على كامل القلب وعندها حدث ولا حرج عن الشبهات المتلاطمات والظلمات الحالكات والتسخط وسوء الظن وكل ما خطر ببالك من الشرور وأنواع الآثام.

----

ولعل هذا يفسر لماذا تمر الآية الكريمة على شخص فينتفع بها ايما انتفاع ويخشع لها قلبه ايما خشوع وتخضع لها جوارحه ايما خضوع , وسبحان الله تمر الآية الكريمة نفسها على آخر فلا تزيده الا نفورا وتيها وحيرة وشكا وضلالا

ويفسر ايضا انك ترى من يعانى من ضيق ذات اليد وشظف العيش ومع ذلك لا تفارق وجهه الابتسامة ولا يفارق قلبه البهجة والسرور وتجد فى المقابل من قد حيزت له الدنيا بحذافيرها ولا تراه الا عابسا عبوسا ساخطا متسخطا

----

فالسؤال الان هو كيفية الحفاظ على هذا القلب وحمايته من عدوه , وتكون الإجابة عن طريق التحصين المتين و الاستعداد للهجوم المضاد و شن هجمات استباقية

فالتحصين بأن يكون القلب دوما عامرا بمحبة الله مشغولا بذكر الله مقبلا على طاعة الله , والمواظبة على ذلك تجعل القلب قلعة حصينة لا يكاد الشيطان يقترب منها فضلا عن الولوج إليها

والاستعداد للهجوم المضاد بأن يوطن الانسان نفسه انه كلما أذنب أحدث توبة عاجلة وإنابة كاملة تدحر العدو وتطرده خائبا مخذولا

وشن الهجمات الاستباقية بأن يكون للإنسان رصيد من فعل الطاعات ومقاومة للمحرمات تخزى الشيطان وتجعله يفر من ظل صاحبها

واخيرا ليعلم المؤمن ان اقوى سلاح لديه هو اعتصامه بالله عز وجل وأن الله من اسمائه البر ومن بره سبحانه ان يلطف بعبده وينجيه من المهالك طالما كان لهذا العبد حالا مع الله فى وقت من الاوقات , فاحرص يرحمك الله ان يكون لك حالا مع الله فى وقت اقبال قلبك على الطاعة بالغ فى الاحسان وفى ان يكون بينك وبين الله سر خفى من طاعة لا يعلم بها الا الله عز وجل عساك ان تصيبك رحمة لا تشقى بعدها أبدا...

نسأل الله ان يوفقنا ويهدينا سبل السلام

=========

أيها الإخوة الشباب: إن أكبر مشكلة يعاني منها شبابنا هي الشهوة وحتى نتغلب على أنفسنا لا بد أولاً أن نفهم الشهوة ثم لا بد أن نتحدث عن المعصية ثم التوبة والطريق إليها

أولاً: حقائق عن الشهوة

1- الشهوة هي الدافع المحرك نحو الله تعالى وهي حيادية تماماً فإما أن يرقى بها الإنسان إلى أعلى الدرجات أو يهوي بها إلى أدنى الدركات

2- ليس في الإسلام حرمان ولكن في الإسلام ضبط وتنظيم، وما أودع الله في الإنسان من شهوة إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ( إن اشتهى المال تاجر، وإن أراد المرأة تزوج، وإن أراد المكانة العلية استقام على أمر الله وأحسن إلى خلقه )

3- بالشهوة نرقى إلى الله مرتين مرة صابرين ( عند عدم تحقق الشهوة ) ومرة شاكرين ( عند تحققها )

ثانياً:حقائق عن المعصية

1- للتخلص من المعصية لابد من معالجة أسبابها فهناك أمراض وهناك أعراض ( والمعاصي أعراض لمرض واحد إنه البعد عن الله تعالى )

2- إياك أن تحدث بمعصيتك أحداً من الناس إلا إذا علمت يقيناً أنه يفيدك في التخلص منها، يقول صلى الله عليه وسلم: ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه )

3- إياك ثم إياك ثم إياك أن تضل إنساناً وتسوقه معك إلى المعصية فإنك لن تسامح نفسك بعد التوبة على ما فعلت.

ثالثاً: حقائق عن التوبة

1- ليس هناك ذنب مهما بدا لك كبيراً لا يمكن التوبة منه قال تعالى:( إن الله يغفر الذنوب جميعاً )

2- انتبه فالله في عليائه يفرح بتوبتك وما أمرك أن تتوب إلا ليتوب عليك.

رابعاً: مراحل مواجهة الشهوات

1- اخل بنفسك صادقاً وحلل أسباب المعصية التي تقترفها.

2- إياك أن تسمي المعصية بغير مسمياتها وكن صادقاً وصريحاً مع نفسك.

3- اتخذ القرار بصدق وإخلاص مع العزم على عدم العودة والندم على ما فات واعلم أن منادياً ينادي في السموات والأرض في هذه اللحظة أن هنئوا فلاناَ فقد اصطلح مع الله، وأن الله يكون فرحاً بتوبتك فاجعل من هذه اللحظة عيداً حقيقياً لك

4- ناج الله تعالى، واطلب منه بصدق وبدموع أن يتوب عليك، وحاول أن يكون ذلك ليلاً فهذا موسم التائبين

قل له: أنا ضعيف، اعترف بذنبك باللغة التي تحب ودون حواجز واطلب منه أن يعينك بيقين تام أنه يسمعك وسيجيبك

5- إذا كانت معصيتك ترتبط بزمان أو بمكان فاشغل زمان المعصية بشيء تحبه من الطاعات وإياك أن تقترب من مكانها وإذا كانت ترتبط بشخص فتخلَّ عنه قبل أن يأتي يوم يرديك فيه.

6- لا شك أن نفسك ستنازعك لتعود إلى المعصية التي كنت عليها،ومن أجل ذلك:

أ – أدبها بالحرمان وقاومها

ب- من المؤكد أن في حياتك يوماً من أيام الله تكرم الله به عليك إما بالتجلي على قلبك أو بفضل دنيوي تذكر هذا اليوم واستح من الله الذي أحسن إليك أن تسيء إليه فهذا لا يقبل مع إنسان فكيف مع الواحد الديان؟! ( وذكرهم بأيام الله )

ج- من المؤكد أنك تتأثر بآية كريمة أو بأنشودة هادفة إما بصوتك أو بسماعها من مقريء أو منشد دعها في متناول يديك دائماً لتستمع إليها عندما تحدثك نفسك بالمعصية

د- عندما تنازعك نفسك بالمعصية إياك أن تسير معها ولو خطوة واحدة لأنه سيصعب عليك ترك الخطوة الثانية أو الثالثة ولكن الأمر سهل جداً في البداية ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان )

7 – لا تؤجل التوبة ولا تقل سوف فإنها من جنود إبليس وما أدراك أنك ستعيش حتى تتوب

8- بعد أن يتوب الله عليك وتشعر بعدم الميل إلى المعصية وهذا سيكون بإذن الله بعد المجاهدة إياك أن تعتد بنفسك ولكن اعترف بالفضل لصاحب الفضل

======

لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد

إن الإنسان ليغتر بقوته، والله هو المنعم عليه بهذا القدر من القوة، وقد جعل الله لهذا المخلوق من الحواس ما يهديه في عالم المحسوسات، ومن أعظم هذه الحواس نعمة العين. بما فيها من قدرة الدقة في التركيب، وحسن الهيئة، وبهاء المنظر والقدرة على الإبصار، هذه العين بما ترى في صفحات هذا الكون من دلائل القدرة، وموجبات الإيمان، وهو معروضة في صفحات الكون، مبثوثة في حناياه (في ظلال القرآن بتصرف).

وظيفة العين:

إن لكل عضو في جسد الإنسان وظيفة منوطة بها، فالله -سبحانه- قد خلق العين لوظيفة سامية، فقد خلقت العين؛ لتبصر الطريق وآفاته، والكون وآياته، وترى الأهل والأحباب، والولد والأصحاب، خلقت لرؤية إشراقة الشمس وغروبها وجمال البدور وبهائها ونزول الغيث بعد إمساكها، وإخضار الأرض بعد ذبولها، خلقت لكي ترى الليل يعقبه النهار، والنهار يعقبه الليل، خلقت لتتأمل في جريان الوديان والأنهار، كل ذلك لكي تصل إلى حقيقة واحدة... وهو الاهتداء إلى معرفة الواحد القهار ( منبريات، لأحمد السديس، بتصرف).

حياء العين:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: { استحيوا من الله حق الحياء }، قلنا: "يا رسول الله إنا لنستحي والحمد لله"، قال: { ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا }، يعني: من الله حق الحياء [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].

فالحياء الشرعي للعين أن يتحفظ نفسها من النظر إلى ما حرم الله فإن العين إذا أشتد حياؤها؛ صانت صاحبها، ودفنت مساوئه، ونشرت محاسنه.

قال ابن حبان: ( ومن ذهب حياؤه؛ ذهب سروره، ومن ذهب سروره؛ هان على الناس ).

إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا *** وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع

(الحياء هو الحياة، بتصرف).

النظر بريد الزنا:

النظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة؛ فيقع الفعل، ولابد ما لم يمنع منه مانع (الداء والدواء).

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه} [رواه البخاري]. ويقول القاسمي في تفسير قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [سورة النور: 30]: "سر تقديم غض البصر على حفظ الفرج، هو أن النظر يريد الزنا ورائد الفجور".

لا تتبع النظرة النظرة:

النظرة... سهم من سهام إبليس المسمومة، ورائد الشهوة، النظر المحرم، يثمر في القلب خواطر سيئة رديئة، وقد أمر الله تعالى عبادة بأن يغضوا أبصارهم {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [سورة النور: 30].

يقول الشيخ سيد قطب: إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف، لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا تستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين؛ فعمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي.

والنظرة الخائنة، والحركة المثيرة والزينة المتبرجة، والجسم العاري، كلها لا تصنع شيئا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني فالمجنون.

فغض البصر من جانب العين أدب نفسي ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن في الوجوه والأجسام كما أن فيه إغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتن والغواية، ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم.

والواجب على المسلم إذا وقع نظره على ما حرم الله أن يصرف بصره، ولا يتبع النظرة النظرة؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: {يا علي، لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة} [رواه أبو داود، وحسنه الألباني].

آفة النظر إلى المحرم:

إن النظرة كأس مسكر، وسكرة العشق، وسكر العشق أعظم من سكر الخمر فسكران الخمر يفيق، وسكران العشق أني يفيق!!

سكران، سكر هوى وسكر مدامة *** فمتى إفاقة من به شكران

صراع مع الشهوات:

فالنظر إلى الحرام سبب في هلاك العابد، وفسخ عزم الزاهد، وليحذر ذو العقل من النظر؛ فإنه سبب الآفات، ومفتاح الشهوات، ومركب الهلاك والصراعات، غير أن علاجه في بداية قريب وسهل، فإذا كرر تمكن الشر؛ فصعب علاجه (من كلام لابن الجوزي بتصرف).

ومن آفات النظر إلى المحرم:

أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات، فيرى العبد ما ليس قادرا عليه ولا صابرا عنه، وهذا من أعظم العذاب أن ترى ما لا صبر لك عنه، ولا عن بعضه، ولا قدرة لك عليه.

إن حال من ينظر إلى الحرام كحال الذي يشرب من ماء البحر المالح، أتراه يروى؟!.. لا، بل لا يزداد مع الشرب إلا عطشا، فهو بهذا النظر لا يزيد شهوته إلا تأججا وشدة (صراع مع الشهوات).

=========

أورد الإمام ابن القيم العديد من فوائد غض البصر فى كتابه القيم "الداء والدواء" ونورد منها:

1) امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده ، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى ، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره ، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره .

2) يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه .

3) أنه يورث القلب أنسا بالله وجمعية على الله ، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ، ويبعده من الله ، وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه .

4) يقوي القلب ويفرحه ، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه .

5) أنه يكسب القلب نورا كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة ، ولهذا ذكر الله آية النور عقيب الأمر بغض البصر ، فقال : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) ، ثم قال اثر ذلك : ( الله نور السماوات والأرض ، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ) ، أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه ، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب ، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى ، واجتناب هدى ، وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة ، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب ، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام .

6) أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل ، والصادق والكاذب ، وكان شاه بن شجاع الكرماني يقول : من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة ، وغض بصره عن المحارم ، وكف نفسه عن الشهوات ، واعتاد أكل الحلال لم تخطئ له فراسة ؛ وكان شجاع هذا لا تخطئ له فراسة .

7) أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة ، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقور ، كما في الأثر : " الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله " ، وضد هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ، وما جعل الله سبحانه فيمن عصاه ، كما قال الحسن : " إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين ، فإن ذل المعصية لا يفارق رقابهم ، أبى الله إلا أن يذل من عصاه " ، وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته والذل قرين معصيته ، فقال تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) ، وقال تعالى : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ، والإيمان قول وعمل ، ظاهر وباطن ، وقال تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، أي من كان يريد العزة فليطلبها بطاعة الله وذكره من الكلم الطيب والعمل الصالح ، وفي دعاء القنوت : " إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت " ، ومن أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه، وله من العز سب طاعته ، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه ، وعليه من الذل بحسب معصيته .

8) أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب ، فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي ، فيمثل له صورة المنظور غليه ويزينها ، ويجعلها صنما يعكف عليه القلب ، ثم يعده ويمنيه ويوقد على القلب نار الشهوة ، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة ، فيصير القلب في اللهب ، فمن ذلك تلد الأنفاس التي يجد فيها وهج النار ، وتلك الزفرات والحرقات ، فإن القلب قد أحاطت به النيران من كل جانب ، فهو وسطها كالشاة في وسط التنور ، ولهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة : أن جعل لهم في البرزخ تنوراُ من نار ، وأودعت أرواحهم فيه إلى حشر أجسادهم ، أراها الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- في المنام في الحديث المتفق على صحته .

9) أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها ، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول بينه وبينها فتنفرط عليه أموره ويقع في اتباع هواه وفي الغفلة عن ذكر ربه ، قال تعالى : ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) ، وإطلاق النظر يوجب هذه الأمور الثلاثة بحسبه .

10) أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما بما يشغل به الآخر ، يصلح بصلاحه ويفسد بفساده ، فإذا فسد القلب فسد النظر ، وإذا فسد النظر فسد القلب ، وكذلك في جانب الصلاح ، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد ، وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ ، فلا يصلح لسكنى معرفة الله ومحبته والإنابة إليه ، والأنس به ، والسرور بقربه ، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق